Top Ad unit 728 × 90

كل كفتة وأنت طيب - باسم يوسف




كل سنة وأنتم طيبين يا جماعة.. زي الأيام دي طلع علينا ناس لطيفة جدا بيبشرونا بالقضاء على الإيدز وفيروس سي للأبد.. زي الأيام دي طلع ناس لابسين لبس لواءات، يبشرونا بإن ملايين المصريين حيتعالجوا ببلاش وحيتخلصوا من الأمراض المزمنة للأبد.. مش الإيدز وفيروس سي بس.. لاااااا… ده طلعوا علينا ببشرى عظيمة إن الـ سي سي دي (واخدلي بالك) حيخلصنا من الأمراض الفيروسية والميكروبية وأمراض المناعة وأمراض القلب والضعف الجنسي (والنعمة قالوا كده) والصدفية والسكر، وأنا وأنت واللي يحب النبي يصلي عليه.
خرج علينا هؤلاء الأفاقون الكذابون بزي القوات المسلحة الذي استشهد فيه مئات الآلاف من أبناء بلدنا، ليهينوا هذا الزي بحفلات الشعوذة والكفتة.
فضيحة الكفتة كانت مدعاة للسخرية حتى في دوائر مؤيدي النظام أنفسهم، وليه لأ؟ ما هي كانت حاجة مسخرة فعلا، لكن المشكلة أن هؤلاء المؤيدين كانت لديهم قدرة رائعة على الفصل ما بين المسخرة الطبية والعلمية، وبين من ارتكبها وساعد في الترويج لها.. هما ماكانش عندهم مانع من السخرية من عبد العاطي، فهو هدف سهل وبسيط… لكن في نفس الوقت كانت لديهم قدرة انتقائية على تجاهل عدة حقائق، أبسط واحدة فيهم “تودي في داهية”.
فها هو الفارس عبد العاطي نصاب قديم وقادر وفاجر، كانت لديه عيادة أعشاب يمارس فيها النصب على مرضاه، ويطلع عيانا بيانا في قناة “الناس”، كأنه بيقولهم: “أنا نصاب يا جدعان”، وعليه حكم وفني معمل، ويمكن لو “نكشنا” وراه، نلاقيه كان هجاما في عزبة النخل، ومع ذلك نجح هذا الرجل في أن يحصل على رتبة لواء شرفي في الجيش المصري.
يا لهوي!!!
طب فين المخابرات الحربية والمخابرات العامة وأدهم صبري، لما ده كان بيحصل؟
سيبكم من عبد العاطي.. عيل وغلط، مع إنه غلط أمام كاميرات التليفزيون أمام “لفيف” من لواءات الجيش الذين كانوا يصفقون له حين أطلق على نفسه “قاهر الفيروسات”.
ما علينا..
طب العيل ده لما يغلط ويفضح نفسه والمؤسسة اللي تسلل داخلها، مش كان ممكن نلم المسائل؟
لأ.. عيب.. إزاي؟ إحنا نسيبه يطلع ويقول إن المخابرات انقذته وخطفته على مصر، بعد ما اتعرض عليه “عشييييين مليون دولار” أو اتنين مليار.. أيهما أقرب.
نسيبه يبلطج في الفضائيات، ويبلطج معاه أبواق النظام الذين تمنوا أن نموت بفيروساتنا، وطالبوا بسحب الجنسية من المعترضين على هذا العبث، ولو مش مصدقين، فلازم نتكسف على دمنا، علشان السيسي نزلت دموعه لما شاف الجهاز، كما قال لنا آرشيدوق النظام وحبيبه المزمن مصطفى بكري.
لم يتم تفنيد أو إنكار أي تصريح من دول من قبل السلطة، ولا اعتقد أن أسد مصر الرئيس السيسي يسكت كده لما حد يقول عليه إنه عيط بالغلط، ولا إيه؟!
حين خرج عصام حجي -مستشار الرئيس عدلي منصور في ذلك الوقت- ليعترض على هذا التدليس غير العلمي، تم تشويه سمعته واتهامه بعدة اتهامات، من أول الأخونة إلى التخلف العقلي، وقالوا جملتهم الشهيرة: “ده عالم فضاء وفيزيا.. إيش فهمه في الفيروسات؟!” عشان طبعا الفيروسات من صميم اختصاص الطب الكوني لصاحبه عبد العاطي.. قالوا قولتهم، وانتحر بعدها المنطق، وهو بيسب لنا ميت ملة.
سيبنا من عبد العاطي.. طيب اللواء طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية والمشرف على مشروعات عملاقة تقوم بها القوات المسلحة في جميع أنحاء البلاد؟
ده لواء بجد بقى مش شرفي.. خرج علينا هذا اللواء اللي بجد، ليرعب أي مذيع بصوته الجهوري، عندما يتساءل هذا المذيع عن تفاصيل الجهاز.. نتذكر جميعا “شخطته” الشهيرة في المداخلات التليفزيونية حينما كان يضيق من أسئلة مقدمي البرامج:
“ده أمن قومي”.
طيب فين التجارب ونتايج الجهاز العملية؟
ده أمن قومي.. طب هل تمت مراجعة الجهاز عن طريق مراكز بحثية عالمية؟
ده أمن قومي.
طب أنا عندي بواسير بتنقح عليا.
ده أمن قومي.
سيادة اللواء قال لنا إن الجهاز قد تم إجراء التجارب عليه لمده 22 سنة (وفي قول آخر اتنين وعشيييين سنة، أيهما أقرب)، في سرية تامة.. معلش أصل الجهاز مش بيتكشف على عيانين.
مرت مهلة ورا التانية، ولم يظهر الجهاز، ولكننا سمعنا عن الملايين التي صرفت على تجهيز المراكز الطبية وعلاج المواطنين، بل خرجت علينا الهيئة الهندسية في معرض طبي لتبشرنا أنها “زي ما عملت جهاز الكفتة للكشف عن الجهاز”، نزلت ورصت أجهزة كشف القنابل في معرض عام للجمهور، ووقف لواءات الهيئة الهندسية ليتم التقاط الصور بجانب الأجهزة الجديدة التي ستكشف أيضا عن الأيبولا والكرورنا والمالاريا.. آه والله المالاريا.
النهاردة وبعد مرور سنتين على الوعد العظيم بشفاء كل هذه الأمراض، لم نجد أن أيا من هؤلاء النصابين قد تمت محاسبتهم.
الإعلاميون الذين طبلوا للجهاز شغالين تطبيل عادي في أي مصلحة.
أطباء العار مازالوا في عياداتهم ومستشفياتهم.
اللواء طاهر عبدالله رئيس الهيئة الهندسية، تم نقله من الهيئة الهندسية.. مش عقاب لا سمح الله، لكنه الآن مساعد وزير الدفاع، وإن شاء الله -بعد عمر طويل- ستتم إحالته إلى المعاش ليستمتع بالزيادات اللانهائية للمعاشات العسكرية.
الدكتور جمال شيحة صاحب جهاز الكشف عن القنابل المعدل، اللي المفروض يكشف برضه على الفيروسات، تم تعيينه عن طريق الرئيس السيسي شخصيا في البرلمان المصري!
ربما جاء دورنا الآن لتنزل دموعنا إحنا على حالنا.
حدث كل هذا واستمر مؤيدو النظام في إنكار هذا العبث، فبعد المقاوحة والجدال، ذهب البعض إلى نظرية المؤامرة.. إن هذا الجهاز قد تم إجهاضه كجزء من المؤامرة الكونية على مصر، أو أننا كنا نفاوض الشركات العالمية ليتم بيع عقار السوفالدي بسعر منخفض جدا!
واحدة واحدة بقى.
مؤامرة كونية!!! دي عارفينها الحمدلله.. واضح إننا معمول لنا عمل ومؤامرة تجيبنا ومؤامرة تودينا.. بس برضة مش فاهم إزاي أسد مصر يسمح إننا “ننخ” كده للمؤامرة! مش العيانين دول ولادك يا ريس؟! مش دول يستاهلوا إننا نقف في وش المؤامرة يا ريس؟! ما يصحش كده يا ريس! أومال حنبقى “كده” إزاي يا ريس؟!
أما النظرية التانية، فدي بقى بلح.. الهند يا باشا واخدة نفس الاتفاق بتاعنا.. ليه؟ عشان مصر والهند من أكثر البلاد المصابة بفيروس سي، فدي فرصة ذهبية للشركة عشان تطلع بنتائج مهولة تساعدها في نشر أبحاثها بتكاليف أقل، والهند اخدت نفس الاتفاق من غير ما تطلع جهاز كفتة، أو كاري عشان هما نباتيين.
طيب بلاش دي.. نفترض فعلا أن إجهاض الجهاز كان اتفاقا عشان ناخد العقار الجديد أرخص.. مش كان أحسن إننا نوفر جهاز “السي سي دي” ببلاش لأهل بلدنا، ثم نعالج العالم وندخل عملة صعبة، بعد ما حرقنا اللي عندنا في قناة السويس الجديدة هدية مصر للعالم؟!
الغريبة إن الكلام العقلاني ده لا بيودي ولا بيجيب مع المؤيد الشرس، فإذا لم تكن مؤامرة، يبقى هناك حكمة لا يعلمها أحد إلا السلطة.. “أهم حاجة إنهم حموا البلد من الضياع”! وكأن هذا العذر كافِ لأن يتم تضليل ملايين المرضى، وأن تصبح مصر أضحوكة العالم، ويتم تدمير مصداقية من يتكلمون باسم المؤسسة العسكرية.. كل ده بقى، هو الضياع بعينه.
دورك “كحامي” للبلد لا يعفي من المساءلة.
لماذا تعطونا هذا الإحساس.. أنكم تتفضلون علينا بحمايتنا؟! وكأننا إذا طالبنا بالمحاسبة وعقاب المقصر، الجيش حيتقمص ويلم دباباته وطياراته ويذهب للاحتراف في بلد آخر؟
اتذكر يوم المؤتمر الصحفي للواء الكفتة، قررت طبعا إننا حنتكلم على الموضوع ده في حلقة برنامج (البرنامج).. حصل شبه تمرد في فريق العمل، لأنهم كانوا خايفين من التهريج في الموضوع ده:
“بس شكلهم متأكدين قوي يا باسم”
“الجيش مش ممكن يهزأ نفسه ويهين كرامته بكذبة زي دي”
اضطريت إني أوقف الشغل في المكتب، وارجع “لقواعدي الطبية”، واشرح على “سبورة” على مدى ساعة، يعني إيه فيروسات، وليه الكلام ده كله فارغ.
وبعدين تقولوا إننا إحنا اللي بنهين الجيش؟!!
كلامنا على جهاز الكفتة ليس من باب “الألش” أو المكايدة.. المشكلة أنك ستضحك وتمصمص شفايفك على عبد العاطي، وستتجاهل بمزاجك أسياخ الكفتة اللي ملت البلد.
الكفتة يتم طبخها في مصر وبكفاءة من فترة طويلة.. من صواريخ القاهر والظافر، مرورا بالتبشير بأن مخزون البترول سيتخطى انتاج السعودية وليبيا، وصولا إلى صناعة أول مركبة فضاء عربية.
واضح أن نفس موظف الشئون المعنوية المسئول عن كل هذا، لم ولن يخرج (معاش) أبدا.
على العموم.. الكلام ماعدش له لازمة.. أنا آسف إني ضايقتك عزيزي المؤيد.. دعونا نحن نموت بفيروساتنا.
وهابي كفتة تو يو!!!
كل كفتة وأنت طيب - باسم يوسف youth country on 1:20 م 5

ليست هناك تعليقات:

تابعونا على صفحة دولة الشباب لاحدث الاخبار والمتابعات انضم الان
دولة الشباب. يتم التشغيل بواسطة Blogger.